آداب تلاوة القرآن الكريم (1-6)
ينبغي لقارئ القرآن أن يستحضر في نفسه أنه يناجي الله تعالى، فيراعي الأدب مع القرآن، ومع كلامه سبحانه ، ومن الآداب التي ينبغي مراعاتها وتعاهدها :
1) الإيمان بالقرآن الكريم:
فيجب الإيمان به، وبكل ما جاء فيه، وأنه كلام الله المنزل على رسوله صلى الله عليه وسلم، والإيمان بأنه محفوظ لا يتطرق إِليك أدنى شك في ذلك ، قال تعالى : { ياأَيها الَذين ءامنوا ءامنوا بِالله ورسوله والكتاب الذي نَزّل علَى رسوله والكتاب الذي أنزل من قبل ومن يكفر بِالله وملائكته وكتبِه ورسله واليوم الآخرِ فقد ضل ضلالا بعيدًا} [ النساء : 136 ] .
والإيمان به من أركان الإيمان كما في حديث جبريل - عليه السلام- . رواه مسلم (8).
2) الإخلاص لله تعالى:
بأن يريد بقراءته وجميع عباداته وجه الله - عز وجل-، والتقرب إليه دون أي شيء آخر، من مال ، أو رياسة ، أو وجاهة ، أو ارتفاع على أقرانه ، أو ثناء عند الناس ، أو صرف وجوه الناس إليه ، أو غير ذلك .
قال تعالى: { وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة } [البينة: 5].
وقال - صلى الله عليه وسلم-: ( إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى ) رواه البخاري (1) ومسلم (1907) .
وعن أبي هريرة - رضي الله عنه- قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يقول: ( إن أول الناس يقضى يوم القيامة عليه رجل استشهد، فأتي به فعرفه نعمه فعرفها قال: فما عملت فيها قال: قاتلت فيك حتى استشهدت قال: كذبت ولكنك قاتلت لأن يقال جريء، فقد قيل، ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار، ورجل تعلم العلم وعلمه، وقرأ القرآن فأتي به فعرفه نعمه فعرفها، قال: فما عملت فيها؟ قال: تعلمت العلم وعلمته، وقرأت فيك القرآن قال: كذبت، ولكنك تعلمت العلم ليقال عالم، وقرأت القرآن ليقال هو قارئ، فقد قيل، ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار، ورجل وسع الله عليه، وأعطاه من أصناف المال كله، فأتي به فعرفه نعمه فعرفها، قال: فما عملت فيها؟ قال: ما تركت من سبيل تحب أن ينفق فيها إلا أنفقت فيها لك، قال: كذبت، ولكنك فعلت ليقال هو جواد، فقد قيل، ثم أمر به فسحب على وجهه ثم ألقي في النار ) رواه مسلم (1905) .
وكان أبو هريرة - رضي الله عنه- عندما يروى هذا الحديث يسقط مغشيا عليه خوفا أن يكون من الصنف الثاني ، فأين نحن من الإخلاص في نياتنا.
والمرء لا يستفيد من القرآن إلا على بقدر إخلاصه ، فمتى كان الباعث على تلاوة القرآن هو حب الله تعالى، وبغية التقرب إليه، ونيل رضاه، كان ذلك مدعاة للتأثر بما يقرأ الإنسان ويتلوه، وأما إذا كان الباعث هو المراءاة، وطلب المنزلة عند الناس، وأن يقال ياله من قارئ؛ فإن ذلك سبب للبعد عن الله ومجلبة لسخطه .
3) تلاوته على طهارة:
فيستحب أن يقرأ القرآن وهو على طهارة، فإن قرأ محدثاً جاز بإجماع المسلمين، فإن لم يجد الماء تيمم.
وأما الجنب فإنه يحرم عليه قراءة القرآن عند الجمهور.
عن علي رضي الله عنه قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرئنا القرآن على كل حال ما لم يكن جنباً ) رواه الترمذي (136) وأحمد 2/99 . وقال أبو عيسى: حديث حسن صحيح.
والحائض يجوز لها قراءة القرآن على الأرجح؛ لعدم الدليل الصحيح الصريح على المنع ، وقياسها على الجنب فيه نظر.
لكن لا يمس المحدث المصحف بل يقرأ من حفظه ، أما مسّ المصحف فلا يجوز إلا على طهارة ، وقد جاء النهي عن مسه إلا لمتطهر مصرحاً به في الكتاب الذي كتبه النبي - صلى الله عليه وسلم- لعمرو بن حزم وفيه: (أن لا يمس القرآن إلا طاهر)رواه مالك في موطئه (468) وغيره .